الاثنين، 8 أكتوبر 2012

اختلافاتنا .. حتى متى ؟!

الحراك الدائر ، وثورة الرأي المتبادلة هذه الأيام تدور رحاها وتكتمل فصولها حول نادي القصيم الادبي ، وكيف أن نائب أمير منطقة القصيم - الشاب الخلوق - رفض افتتاح ملتقى يتمركز حول التحولات الفكرية في المجتمع السعودي لكون أوراق العمل تستعرض سيرة قامتين ثقافيتين نشأتا بيننا وعاشا هنا اياما وليالي ، كانت لهم سجالاتهم الفكرية وأطروحاتهم الأدبية ، وهما المفكر عبدالله القصيمي والروائي عبدالرحمن المنيف.

تناوبت الرؤى والقناعات ما بين مؤيد لإستعراض مثل هذه الأسماء ، وما بين رافض لطرحها البتة .. نقف هنا لدقائق ونتسأل ، لماذا الرفض ولماذا القبول ؟ جبهة الرفض متسلحة بأحاديث يتناقلها الركبان من الزمن الغابر ويروونها ويتحدثون عنها مجملها في أن طرح ( القصيمي والمنيف ) سقيم ، ويغذي في النفوس البشرية غريزة البحث عن التوافه ، ومحاولات التعلق بها ، هذا غير فكرة الالحاد التي اتسم بها القصيمي طيلة حياته .
رغم شهادة العاملين في المستشفى الذي كان يقيم به وأنه كان يقرأ القران - بترتيل وصوت مرتفع - قبل وفاته وذلك في عام ١٩٩٦ م ، أما المنيف لأجل رواياته التي لا تخلو من ذكر بعض الوقائع المؤلمة كالتعذيب وما شابه والتى صنفته كمعارض للنهج السعودي ومتمرد عليه .

جبهة القبول تنادي لغلبة حب التعلم إلى محاولة الاستفادة من خبرات السنين وفهم أفكار الاشخاص ، وسبر أغوار عقولهم ، وإستيعاب التحولات الفكرية التي مرت عليهم ، بدلا من سياسة الرفض التي عانى منها مجتمعنا لأعوام وسنين ، والتي لم ولن تُوْلدِ إلا الكَبْت ، وأي كبت ،.

من الصحي أن ينادى بمناقشة أفكارهم وطرح حججهم ودلائلهم وبراهينهم والرد عليها .. بدلا من الرفض المطلق دون أي سبب واضح سوى أنهم أعداء للدين والدولة ، ولا أعلم أي عداوة تأتي من مناقشة الأفكار وتقييم الاطروحات ، ما بين الجبهتين فراغ كبير وبون شاسع ، فكل جبهة تتسلح بكلمات من رواياتهم أو كتبهم .. وهذا يدل على عمق تأثيرهم وسعة اهتمام الناس بهم .. وأكاد أجزم بأن قرار المنع وسحب محور مناقشة افكارهم أحدث لهم ولأطروحاتكم دعاية مجانية لم ولن يحلموا بها ، ففي زمن الانترنت تستطيع الوصول لكل ما هو ممنوع في لحظات دون خوف او تردد ، رغم أنهما الان في عداد الموتى فالمفكر القصيمي توفي عام ١٩٩٦ م والروائي المنيف توفي عام ٢٠٠٤ م .. وتم السماح بنشر رواية المنيف ( مدن الملح ) في السعودية ودول الخليج قبل سنوات .

أقف الان متحيرا بين الجبهتين ، فلست إلى هولاء ولا إلى هولاء ، ولكني اتسأل أيضا :- هل حراكنا الثقافي محكوم بآراء شخصية ، هل نادي القصيم أخذ قرار طرح التحولات الفكرية لهم ولغيرهم من تلقاء نفسه ؟ أم أن الأمور تمشي خبط عشواء ؟! أعلم أن الاندية الأدبية تتبع منظومة وزارة الثقافة والاعلام ، ولكن هل الوزارة تجيب بالموافقة ، وغيرها يرفض افتتاح اللقاء لأجل طرح اسم القصيمي ومنيف أم أن الوزارة تطرح الموافقة عاجلا وتبدي تنصلها من أي تصادم فكري بسرعة أيضا ؟

يفترض علينا أن تتطور طريقة تعاملنا مع الأمور الثقافية وأن نتجاوز حساسية الأسماء ونناقش الأفكار والأطروحات بدلا من محاكمة الأشخاص والذوات حتى ترتقى أفكارنا وتكتمل حلقة التطور الثقافي في بلادنا .

عبدالرحمن الجوني

@a_aljouni

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مواقع التواصل الاجتماعي