الخميس، 10 يناير 2013

قاضيان .. في النار

حادثة جديدة تطرق أبواب مجتمعي البسيط ، وتستعد للوثوب على كل ما تبقى من لحمته الوطنية التي يسعى الحساد والواشون لتمزيقها بسهامهم الممتلئة بإفتعال البهرجة الإعلامية والتزليف وطمس الحقائق ، واللعب على عقول البسطاء في وطننا باختلاق الوشايات وتنميتها

خطاب أرسله قاضي سابق في محكمة رجال ألمع يستجدي فيه وزير الشؤون الإسلامية بتعيننه خطيبا إحتياطيا للجمعة لأن تلك المحافظة تعج ( في نظره ) بالبدع والمحدثات التي نشأت بسبب الفقر والجهل وأن المحافظة لابد لها من خطيب إحتياطي يبين للناس بدعهم ويصحح لهم جهلهم ويعلم الناس أصول دينهم وحقيقته .

كتب فضيلة القاضي هذا الخطاب في عام ١٤٢٤ هـ ولا أعلم بالضبط هل انقضت سنون البدع التي رآها فضيلته ، أم أن الاستجداء كان من أجل غرض مادي ساق في حيثيات طلبه من مزاج فضيلته ما يناسب مطلبه ومراده فكال التهم جزافا واتبعها بما يحقق طلبه دون أن يتيقن من حقيقة ما كتب .

أنا من تلك الأرض التي وسمنا فيها فضيلة القاضي بأننا فقراء وجهله ، وبسبب فقرنا وجهلنا أصبحنا نعتاد وجود البدع والمحدثات ، ولا أعلم ما هو مصدر فضيلته ، أم هي رمي بالتهم في سبيل تحقيق أهداف خاصة ، هل تناسى فضيلته وهو يسوق بخطابه مصاب الفقر والجهل بأن الحرة لا تأكل بثدييها وأن الحر لا يسعى للوهم في سبيل تحقيق الوجود .

عاشرت في تلك البلاد من تجاوزت أعمارهم المئة عام ، لم أرى في حياتهم أثرا لبدعة أو جنوحا إلى محدثات العصر ، بل هم يعبدون الله ولا يشركون به ، ويحافظون على صلواتهم ويتسابقون لها ولو كان الوجع وصروف الدهر عملت فيهم عجائبها، لم أراهم يبخسون أحدهم حقا بينا له ، لم أراهم يسعون للوشاية بين أفراد مجتمعهم ، وإن استعصى عليهم أمر اتجهوا لمن يجدون الحل عنده ، حتى ولو كان قاضي المحكمة ، ولكن القاضي يتهمهم بأنهم أصحاب فكر محدث ويحبون البدع ، ويذكر بأن الله ابتلاه في تلك الأرض .

الابتلاء الحقيقي حينما يكون في القضاء شخص يحمل فكرا سقيما ، شخص يضرب عرض الحائط بكل أبجديات القضاء ، يا فضيلة القاضي لك كل الحق فيما تحكم به بين الناس فيما يتوافق مع شرع الله المنزل وسنة نبيه الطاهرة البينة ، ولكن لا ترمي الناس جزافا بتهمك ، كن حريصا على إيصال صوت الحق مجردا من الضجر والملامة التي ملئت بها خطابك استجدائك المشؤوم ، ولا تكن ساعيا للفرقة بين مجتمع أنت بإصلاح عيوبه أولى .

الابتلاء الحقيقي حينما تكون على عرش القضاء ساعيا لتشوية سمعة القضاء ، ومسرجا في سبيل ذلك بخيلك ورجلك ، وتعمل على تحقيق مآربك بنشر التهم الجزاف ، وما أعلمه أن القضاء هي مؤسسة تستدعي الستر عن كل عيب أو خلل ومحاولة إصلاحه بصمت ، ولا تستدعي وسم الناس بما ليس فيهم .

لن أنقم عليك ما كتبت يدك فكل بما كتبت يداه محاسب ومجازى ، ولكن غضبي وغضبتي وتوجسي وخوفي أن يستشري هذا التفكير فيمن خلفك في منصبك ، فيطالبون بمثل ما طالبت به ويسوقون في حيثيات طلبهم أن تلك المحافظة المشؤومة تعيش في عصور الظلام الغابرة وتشرك بالله وتعبد كهنوت الأهواء وتتطرف أفكارها وتحارب كل مفيد للبشرية .

ختاما أقول .. ( حدث العاقل بما لا يعقل ، فإن صدقك فلا عقل له ! ) وتذكر ( قاضيان في النار ... وقاض في الجنة )

عبدالرحمن الجوني .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مواقع التواصل الاجتماعي