الخميس، 22 نوفمبر 2012

قرابين للموت !


العزف على سيفونية الالم ، واللعب على وتر العاطفة ، وتبديد كل معاني البهجة في قلوب الصغار ، فن لا يجيده سوء القليلون ممن يلعب بأفكار الصغيرات ، ويزوجهم برضاهم أو غصبا عنهم وهم لم يتجاوزوا الثامنة عشر ، بأزواج بلغوا من العمر عتيا .

عجبي لتفكير البعض ، يتقدم رجل بلغ من عمره الخمسين عاما أو يزيد ، يريد الارتباط بفتاة لم تتجاوز مرحلة الطفولة إلا قبل أيام ، لم تتجاوز الثامنة عشرا عمرا ، لم تستمتع بمباهج الحياة الا قليلا ، ثم تجُبر على الارتباط به ، في مخالفة للدين والدساتير ، وفي تحد صارخ لحقوق الانسان .

أسمع كثيرا بقصص خيانة الأزواج ، وعند السؤال عن السبب في مقرات الهيئة يصدمك الجواب وقد يشيب عقلك منه ، تقول بمرارة ماذا تريد مني أن أفعل ؟ زُوجت قسرا عني برجل لا يجيد إعطاء البهجة ولا صناعتها ، رجل يتوقع أن الأنتى هي جسد فقط ، وتناسى بأنها عاطفة قبل الجسد ، رجل في أرذل مراحل حياته مع زوجة في ريعان شبابها ونضرة أنوثتها ، فهل يستويان ؟ تقول ودموعها تملئ خدها : ليس ذنبي أن بحثت عن غيره ، قد يكون ذنب أبي وأمي فهم من قدموني له قُربانا على طبق من ذهب ، وها أنا أدفع ثمن قرابينهم .

لملمت دموع قهرها ثم أكملت : أين دور المشرع لأنظمتنا حتى يحمي ما تبقى من كرامتنا ، لست الأولى ولن أكون الأخيرة في هذا الدرب ، فقبلي مضت فتيات لقبور أزواجهم ، على سبيل الزواج ظاهرا ، وعلى سبيل الموت المحقق باطنا ، ولن ينتهي قطار القرابين بي فكم سنسمع وتسمعون من قرابين قْدمت للموت ، ونحن لا حول لنا ولا قوة ، بحثت عن عاطفة الحياة في منزل زوجي الخمسيني ، فلم أجده يجيد سوى عاطفة الموت ، فهل تلوموني في بحثي عن عاطفة الحياة خارج إطار الزوجية .

كلماتها صدمت فكري ، وأوشت إلى مخيلتي بأمور كثيرة ، سُخط وتسخط عظيم وكبير على كل من يتاجر بأحلام البسطاء من فتياتنا ، غضب وغضبة لكل من يبيع الوهم في صورة زواج ، وتجري بهم رياح الحياة لغير ما تشتهي سفن المودة ، فينشأ تصادم أفكار مقيت بين فتاة في ربيع عمرها الثامن عشر وزوج خمسيني قد أحب الموت أكثر من حبه للحياة .

ومني إلى من يهمه الأمر ، اصلحوا الأمر قبل أن تسود الدنيا وتظلم في وجه فتياتنا ، اصلحوا أمرا أنتم بإصلاحه تصلحون فكرا منتشرا في جيل يحسب أن الحياة بالمال ، ويتوقع بأنه بماله يستطيع أن يجمع مباهج الدنيا ، وما علم أنه بالمال يستطيع أن يشتري ما يشاء إلا سعادة الناس .

عبدالرحمن الجوني

سياحة .. لصْنع البهجة !

سيل عارم من المسافرين خارج الوطن بحثا عن متعة الحياة ومباهجها ، يذهبون إلى دول الجوار حاملين معهم همومهم والآمهم وتطلعاتهم ، وغير مبالين بكم الهدر المالي الذي يستنزف جيوبهم أثناء سفرهم ، في حين أن الصمت يخيم على أرجاء الوطن الحبيب في غيابهم .

وطني الحبيب .. ألا يحق لك التسأل ، لماذا يسافر كل هولاء ؟ لماذا كل هذا الهدر المادي يكون من نصيب غيرك با وطن ؟ ما هي البدائل التي أنشئتها لهم ؟ ما هي الحواضن التي أقمتها لهم وسعيت في تذليل كل الصعاب التي تواجههم ؟

يخبرني أحد من سافر إلى أحد البلاد المجاورة يقول : كل من تجده هناك هو سعودي ، سعودي الأصل والمنشأ .. حتى رؤوس الأموال سعودية أيضا .. تحس في قرارة صدرك أنه لم يعد بالوطن سعودي واحد ، في حين أن وطني لم يقدم لنا ولو جزء من ما يقدم لنا هناك ، فنادق على أرقى المستويات ، خدمات غاية في الاهتمام بك لأنك مصدر دخل جيد لهم وعلى هذا الأساس تقدم لك الخدمة .

يقول قضيت ستة أيام كانت من أمتع أيام حياتي ، في حين لو كنت في بلدي سأقضيها في النوم غالبا ، لأنه ليس هناك ما يؤهلك للخروج فكل المحلات التجارية تغلق أبوابها عند الثانية عشر ليلا في مدينتي ، ولا يوجد من مباهج الحياة شيء سواء قضاء وقتك في الشارع متسمعا إلى أصوات مذيعات محطات الراديو .

بعد كل ما مضى تسألي أوجهه إلى هيئة السياحة والآثار .. ماذا قدمتم للوطن خلال اثنتي عشرة سنة من تأسيس هذه الهيئة ، هل خرجتوا لنا بجديد ؟ كل الأماكن مثل ما كانت .. والخدمات من سيء إلى أسوء ، أين سياحة الآثار الذي تبجتوا بها سنينا ؟ أين السياحة الداخلية التي راهنتم على نجاحها دوما ؟ عندما يخرج مواطن واحد فقط فهذا يدل على خلل في هيئتهم ، لماذا تدعمون دول الجوار بأموال أبناء وطننا ؟ لماذا لا تنشأون شركة لتفعيل السياحة الداخلية بشتى أنواعها ؟ يكون هدفها الرقى بسياحتنا الداخلية بعد أن أثبتم للعيان فشلكم في تحقيق هذا الأمر .

لو كان فيكم رجل حازم لضم الفنادق والأماكن السياحية في بوتقة هذه الشركة وحدد أسعارها تحديدا لا يضر المواطن ولا يضر التاجر مع أخذ نسبة من الأرباح ، لكن أن تتغير الأسعار بين فترة وأخرى ، وتترك المنشأت من الحول إلى الحول دون صيانة ودون إهتمام ثم تطالبون بتفعيل السياحة الداخلية فكيف يستوي الأمر ؟

إعملوا على إعادة رؤوس الأموال المهاجرة إلى الخارج ، وظفوا أموالهم في مشاريع تكسب البلد وأبنائه سياحة متميزة وسوقا رائجا لضخ الأموال ، أنشأوا منتجعات متميزة وقدموا خدمة راقية والمستفيد في الأول والأخير هو الوطن وأبنائه .

تحياتي ....

عبدالرحمن الجوني

وزارة الصحة .. كيف الحال ؟

كنت أنقم على من يتحدث عن سوء مستشفياتنا في السعودية واعتبره كلاما ضربا من ضروب الخيال ، وإن شئت فقل ضربا من ضروب الجنون ، حتى رأيت بعيني ما يندى له الجبين ويشمئز له القلوب والأبدان .

مرضت إحدى قريباتي قبل فترة ، ذهبنا بها إلى أحد المستشفيات الخاصة ، فأتوا لنا بقائمة طويلة من الامراض التي لم نسمع بها رغم متابعتنا الصحية لقريبتي منذ فترة طويلة ، ولكن هذا المستشفى أصر بأن بها كل تلك الامراض ، وفوق ذلك لا تسأل عن الكلفة المادية للإقامة في مثل هذه المستشفيات ، إذ أن فاتورة الكشف والتحاليل والاشعة قاربت الالف وخمسمائة ريال !

انتقلنا إلى أحد المستشفيات المركزية الذي واجهته مضاءة بالاية الكريمة ( كل نفس ذائقة الموت ) ، في طواري ذلك المشفى بقيت قريبتي قرابة الاربعة أيام لعدم وجود سرير فارغ ، في كل غرفة في طواري ذلك المشفى قرابة الاثنا عشر سريرا كلهم ينتظرون فراغ أسرة لنقل مرضاهم إلى أقسام التنويم .

تتحول طوارئ ذلك المشفى وكل عياداته إلى خلية نحل عندما يمر مسؤول بالأقسام وفيما عدى ذلك فالوضع أشبه بالاموات ، هدوء يتبعه هدوء يلحقه عدم اهتمام ولنقل عدم اكتراث ، لولا أن الله لطف بقريبتي فعرفتها إحدى الممرضات السعوديات واهتمت بأمرها وسعت لتخفيف أوجاعها وإلا فلا تسأل فالأمر لدى إدارة المستشفى سيان ، تعافيها أو تدهور صحتها لا يهم ، المهم هو قضاء فترة المناوبة في أي أمر عدا الاهتمام بالمريض !

بعد انقضاء اليوم الرابع تم إيجاد سرير فارغ لقريبتي ونقلها إليه ، وهنا تكتمل فصول تراجيديا الموقف ، في أوقات الزيارة الجو يزداد حرارة بشكل غير طبيعي والوضع يزداد سوء ، وعندما تتحدث للممرضات بضرورة تشغيل التكييف مثلا يشيرون لك في صمت أن تقوم بتشغيله دون اكتراث منهم بالامر ، ودون إبداء أي اهتمام أو مسؤولية ، وعوضا عن ذلك تجد الأحاديث الجانبية هي الاهم عندهم ولا ضير لو قمت بأداء أعمالهم بدلا عنهم .

لا ضير عند وزارة الصحة في كل ما سبق ذكره ، فالأمور تمشي بالبركة في تلك الوزارة ، ولا إشكال لديهم سوء تردت الخدمة الصحية للمواطن أو تقدمت فالامر سيان ، فالوزارة لا أرى أنها تقف على جوانب أي مشكلة وتسعى لحلها ، بل تسد أذانها عن سماع كل طرح وتضع في أذان مسؤوليها قطنا طبيا لعدم سماع أي شكوى من مواطن أو مقيم ، فشعار الوزارة الصمت خير والتكاسل رحمة والاستعجال ندامة والوقوف على المشكلة لا فائدة منه ، فلا بكاء على اللبن المسكوب .

هل لرائد فصل التوائم في العالم من فصل توائم مشكلات وزارته ، هل له من الابتعاد عن فوبيا الخوف من حل المشكلة ، هل له بالوقوف على مفاصل المعضلات في مستشفياته ، هل له من علاج أورام زاد حجمها وزاد خطرها في وزارته ، هل له بالانتباه لشكاوي المواطنين وازالة تلك الغشاوة عن أعين مسؤوليه ، لست ناقما على وزارة الصحة مثل غيري ، ولكن نطالب بالقليل من الاهتمام وانصاف المواطنين من وزارتك الجائرة بحقهم .


عبدالرحمن الجوني

متصيدو الزلات والمثالب

يُتعب تفكيري ويُشتت رأيي تلك العبارات اللاذعة التي ساقها أحدهم لأحد مثقفينا ووصفه بالليبرالي والعلماني وأنه يخدم أجندة معينة ويسهر ليله ويمضي نهاره في سبيل تحقيق أهداف تلك الاجنده وذلك لانه قرأ مقالا لذلك المثقف فلم يرق ذلك المقال لمزاجه وأضفى ينعته بتلك الصفات .

يؤسفني تلك الحالة المزاجية لصاحبها الذي ينعت مثقفينا بأنهم ليبراليون أو علمانيون أو ما شابه دون دليل واحد ودون برهان يستند عليه سوى أنه يكتب المقالات فيجيد طرح مواضيعها ، ويسبك كتاباته حلة من الديباجة المميزة والتي تستعصي بالطبع على من أمضى حياته في تتبع زلات الناس ومناقصهم .

يؤسفني بأن صاحبنا أقام الدنيا ولم يقعدها شتما في مثقفينا وأخذ في طريق انتقادهم والتشهير بهم ما أستطاع جمعه من مفردات الشتائم والمذمات ، فتارة يصفهم بالليبراليين وتارة بالعلمانيين وتارة بالامعات وهلم جرا ، ولا أعلم هل أوجعه الطرح لهم أم أن الحالة المزاجية له ما زالت متعكرة .

يؤسفني بأن صاحبنا في فترة من فترات حياته ترك الصلاة عمدا ومضى قُدما في عقوق والديه وضرب بكلام أهله عرض الحائط وانطوى على ما استطاع جمعه من ملذاته الخاصة ، ثم فجأة ظهر لنا أن عاد إلى عقله وعرف طريق ربه .. فأطال لحيته وقصر ثوبه وانطوى على حضور الدروس الدينية وسماع المحاضرات الدعوية .. فدعونا له بالثبات على درب الحق .. ولكن من أول لقاء معه بدأ في تصنيف الناس فهذا ليبرالي وذاك علماني وهذا وضيع .. وخذ من الاوصاف التي لا تليق بمسلم قبل أن تليق بمتدين .

يؤسفني أن صاحبنا جعل المثقفين جل همه ، وبدأ في تتبع كتاباتهم وتصيد أخطائهم وضرب على وتر القبلية في كل طرحه ، وأنشأ لنفسه نزاهة خاصة لا يستطيع أحد المساس بها أو التعدي عليها ، وإياك مناقشته في أمر يقوله فقد ينعتك بأنك ليبرالي أو علماني ، فلكل قول قد تقوله أمامه ستجد له عند صاحبنا تفسيرا أخرا .

يؤسفني أن صاحبنا لم يعلم بأن العمل الثقافي هو لصنع الابداع وتحريك الراكد من مياة المحاباة والفساد والاستغلال الديني لبعض جوانب الحياة ، وبأن العمل الثقافي هو لرسم بسمة أو تطبيب جرح أو مداواة مريض جار عليه زمنه ، أو اجتبرته حياته على غير ما يريد .

يؤسفني بأن صاحبنا لم ينكأ جرحا ولم يداوي مريضا ولم يربث على كتف يتيم ولم يحاول حل إشكال أو إبراز قضية أو الاهتمام بأمر معين .. وانبرى لمتابعة أخطاء الناس وتصيد مثالبهم ، وكفى بالمرء فخرا أن يصلح نفسه .

يؤسفني بأن صاحبنا يجد له من يشاركه نفس الفكر ونفس الاسلوب ، أما لطابع القرابة أو للخوف من ردات الفعل عند المخالفة ، ولكن لتنم يا صديقي رضّي البال فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. شئنا أم أبينا ولن نتورع عن كشف دسائس المؤامرات الخفية خوفا من تهديداتك أو جنوحا إلى رغباتك أو إستسلاما لأوامرك ، خُلقنا أحرارا نكتب ما نراه أصلح لنا وللمجتمع معنا ، ولم نكتب تصيدا لهفوات الناس أو بحثا عن نقائصهم.

عبدالرحمن الجوني

مواقع التواصل الاجتماعي