أصبح من السهل عليك أن تكتب عن فكرة تخامر عقلك فتشبعها طرحا ونقاشا وتثري الساحة بها ، ولكن حينما لا تملك فكرة أصلا وتبدأ في الجدل ونشر آراء غيرك وتجعل الناس أوصياء على تفكيرك فتستشهد بأقوالهم ذات اليمين وذات الشمال وتحمد الله أنك لم تعرف منطقتنا عن طريق أناس ما وعرفتها عن أناس آخرين لأن معرفتها عن أناس دون أناس ربما يجر قدميك إلى مراتع الفساد والانحلال .. وهنا فليسمح لي المنطق والفكر بأن أصف صاحب هذه الرؤية بأنه تبعي !
سبق وأن تناقشت مع من يحملون هذا الفكر التبعي كثيرا ، لم أجد في طرحهم سوى الهجوم الشخصي بدون أي سبب مقنع سوى أن هناك من يزعجهم وجود منشط ثقافي يتعارض مع أفكارهم وقناعاتهم . ولو سألت هولاء الأشخاص عن أفكارهم لقالوا : رأينا من رأي فلان . فقد قال وأفحم وألجم ، ولو عدت لهذا الشخص لوجدت ما نقل عنه لا يتجاوز الكلام المرسل ، الخالي من الموضوعية والعاري من الصحة !
من حق كل شخص أن يكتب رأيه في أي نشاط ، شريطة ألا يتحول هذا الرأي المطروح إلى مصادرة لآراء الأخرين وقناعاتهم !
من حقك أن تختلف معي كيفما تشاء ووقتما تشاء ومن حقك أن تنقد ما تراه أمامك بأي طريقة تشاء شريطة ألا يصل نقدك للدخول في الشخصيات أو النيات أو المواقف أو تفسير الأمور وفق ما تريده وليس وفق ما هو عليه الحال .
حينما يردد بعض الموتورين هنا بعض ما يتناقله جمع من الركبان في حلهم وترحالهم وأنت تقف إلى جوارهم لتحيد كل مخالف لك في الفكر وتتوجس منهم خيفة فأنت هنا منفلت في لسانك وقادر على أن تنعت مخالفيك بما يطيبه لك لسانك من أوصاف ثم تدعي لنفسك اتباع الدين والعمل على إحياء فضيلة الاحتساب فأنت لست سوى تابع لفكر من يوجهك ولست متبعاً لدينك ، لأن الدين يأمرك بالعدل والإنصاف ويرفض الجور والفجور في الخصومة .
لكل أولئك أقول لهم ما قاله ابن سينا في خاطرة جميلة " ابتلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد أحدا سواهم " فماذا عساك ستقول يا ابن سينا لو رأيت زماننا ؟ ماذا ستقول عمن يشاركك الدين والمذهب وحينما تنجح في مجال معين ينعتك بالماركسية ؟ ماذا ستقول عمن يتصدر المجالس للتحذير من أي فعل ثقافي تقيمه وحصر الدين والفضيلة والشرف في منشط الثلاثاء الشهري ؟ ماذا عساك ستقول وكل هذا الهجوم عليك ينال منك من كل الجهات ، وكل يسعى للانقضاض عليك واللانتقاص من قدرك دون سبب تعلمه ؟ ماذا ستقول عن الساعي بالوشاية بين طرفي الأمر ، أتخاله عاقلا أم به جن ؟!
ما أعلمه أنهم يسعون لأحياء نشاط ثقافي مميز دون الخوص في النوايا ودون الوثوب على حريات الناس ومصادرة أفكارهم ، دون الوصول للاسفاف والدخول في النيات ..
ولكن ليت بعض قومي يعلمون !
عبدالرحمن الجوني
