الخميس، 25 يوليو 2013

عقول خارج نطاق التغطية !



من رحم معاناتهم ولدت محنة واقعهم ، يحلمون بالشهرة الزائفة بمخالفة الأنظمة والعادات والتقاليد ، ويتطلعون إلى التسلية بأي وسيلة ممكنة ، البطالة نهشت فيهم ، والفراغ مفسدة قادتهم إلى واقع ممارساتهم ، حتى أصبحوا شاذين على مجتمعهم، غريبين في تصرفاتهم ، يقضون فراغهم في ممارسات أخجلت من يتابعهم ، وأشغلت تفكير من يسعى لإعادة بذرة الخير في قلوبهم . 

عن ظاهرة " الدرباوية " أتحدث ، تلك الظاهرة التي أشغلت المجتمع السعودي من كبيره لصغيره ، تلك الظاهرة التي أيقظت قلوبا إعتادت النوم عن قضايا الشباب ، ظاهرة أفرزتها أسباب كثيرة ، والضحية شباب كثر في عمر الزهور ، يسعون للمخالفة كسبا للشهرة أحيانا وبعض الأحيان للتسلية والترفيه ، بعد أن عدموا الترفية البريء في واقعهم ، سعوا لإحداث تغيير كبير ولو كان في الجانب الخاطئ . 

هم ليسوا مجموعات تحركها نزوات عابرة ، بل شباب بحثوا عن أي منفذ للترفية ، بعد أن بخل عليهم الحال وضاقت بهم السبل أوجدوا ما يسلي عن خواطرهم بعيدا عن صخب المنع الذي يقود للرغبة بالمعاندة ، أوجدوا لأنفسهم حضورا عبر مجموعاتهم التي أنشئوها عبر محادثات البلاك بيري ، هم في الحقيقة ظاهرة أوجدت لنفسها تنظيمات معينة وتصرفات تسلب العقل من غرابتها . 

تابعت قبل فترة وعلى مدى يومين ما نشرته صحيفة " الوطن " عن هذه الظاهرة ، تابعت بغرابة كل ما يقال عنهم ، كل من يناقش أمرهم ، يقول أحدهم بأن علاقتهم متأزمة مع رجال الشرطة والمرور ، وهذا شيء طبيعي لأنهم مخالفون للنهج القويم ، ويشيد بعض " الدرباويين " بتعامل رجال الهيئة معهم ، وبأنهم يتقبلون النصيحة من رجال الهيئة لأنهم يبتعدون عن الشتيمة والإساءة الشخصية لهم ، وهذا شيء يسرنا ويسعدنا . 

مدير شرطة عسير يؤكد بأن المعالجة الأمنية أتت ثمارها ، وبصراحة لا تهمني المعالجة الأمنية قدر ما أهتم بالعلاج الفكري ، إذا أردتم حلا لهذه الظاهرة فأوجدوا لشبابنا متنفسات للترفية ومحاضن للإصلاح ، المعالجة الأمنية قد تقود لما لا يحدث عقباه ، نعم قد تنهي المشكلة الحاضرة وتأتي لنا بظاهرة أكثر خطرا وأكثر إساءة لمجتمعنا . 

منابر الجمع التي تغض الطرف عن مثل هذه الظواهر ، وأكاديمي الجامعة الذي يتخذ الصمت شعارا له ويسكت عن مثل هذه الظاهرة ، ومعلموا الأجيال الذي لا يحركون ساكنا في كل ما يرونه من تصرفات أمام ناظريهم ، كل هولاء شركاء في وزر هذه الظواهر وغيرها ، الصمت والاستنكار القلبي لا يكفي ، انتقدوا مثل هذه الظواهر وأسعوا لإبعادها عن مجتمعنا . 

وإليكم أيها " الدرباويون " نصيحة من شخص يقاربكم عمرا ، ويخالفكم فكرا ، لا تبتعدوا عن طريق الصواب وتتجهون لطريق المفسدة ، لا تجعلوا من صغر سنكم وقلة حيلتهم طريقا للوصول إلى ما لا يحمد عقباه ، لا تضعوا العراقيل أمام عودتكم للمجتمع ، حتى ولو انعدمت أماكن الترفيه فليس الحل بما تفعلونه ، أنتم تخلقون مشكلة آكبر مما تتصوره عقولكم ، وتوجدون في المجتمع نسقا جديدا يهدم ولا يبني ، يسعى للخراب ولا يسعى للبناء ، عودوا ونحن بانتظاركم ! 


عبدالرحمن الجوني 
Twitter | a_aljouni 

الاثنين، 1 يوليو 2013

#أحمد_أبو_دهمان ومجلس ألمع


- قدم الغيث لنا نحن أبناء ألمع بحضور سيد الإبداع الجنوبي الأديب / أحمد أبو دهمان في قرية رُجال التي زادت بحضوره وصحبة الكرام بهاء وألقا متميزا ، تلك الليلة هي ليلة لا تنسى في تاريخنا الألمعي الجميل ، وحينما أخبرني الصديق علي فايع عن هذه الأمسية كنت حينها ما بين مصدق ومكذب ، الأديب المتميز الذي كنا نستمتع بحضوره وتألقه عبر رائعته "الحزام" وعبر تغريداته في مواقع التواصل الإجتماعي هو بيننا بشخصه وفكره وتواضعه وسموه .

- حضر الإبداع بكل قسماته وتجلياته بحضورك يا أبا نبيلة ، حضر الغناء والطرب والفكر والثقافة ، حضر الوهج والألق المتميز ، كنت بدرا في سماء أمسياتنا ، كان حضورك مختلفا في كل شيء ، كنت سيد رهبان الأمسية ، وكنت نورها الوهاج أيضا ، أظهرت لنا وجه أخرا من إبداعك وبابا متميزا من سموك ونبلك ، كان حضورك سيد الموقف وتواضعك بيت القصيد وفكرك وتميزك قافية معلقات إبداعك .

- برائعتك " الحزام " سلبت منا لب عقولنا ، تلك الرائعة التي لم أقرأ حتى الآن أجمل منها ، ولا أظنني سأقرأ أجمل منها قريبا ، أعدت لنا ذاكرة القرية وروحها ، تلك القرية التي غيبتها روح المدنية الزائفة ، فأحالت وداعة ليليها إلى كأبه ، وأحالت نهارها إلى تفاصيل مملة ، لا شعر فيها ولا غناء .

- نعم نحن نشاطرك الألم ونقاسمك الحزن والوجع بسبب غياب العنصر النسائي عن حراكنا الثقافي ، هذا الحراك الذي لن يكتمل ألقه إلا بهم ، في الجنوب كانت المرأة تقاسم الرجل في كل مكان ، في الحقول وفي البيوت ، في الشعر والحب وفي الأسواق ، ولكننا تحضرنا بحضارة زائفة تضع المرأة في مكان قصي ، وتبعدها عن دورها في الحراك الثقافي والفكري ، وتلك وربي كارثة .

- رائعتك " الحزام " كما أخبرتنا قدمت لك ضمانا صحيا وراتبا تقاعديا ونسبة معينة من المبيعات ، ولكنها - في رأيي المتواضع - قدمت لك ما هو أسمى من كل كنوز الدنيا ، قدمت لك محبين من كل أنحاء العالم ، قدمت لك من يستعذب كلماتك ويستطرب بها ، وينشئ مواويل العزف على إيقاعاتها ، ألبستك تاجا مرصعا بالذهب في قلوب الملايين من محبيك في أصقاع الدنيا ، ناضلت وكافحت معرفيا وتاريخيا حتى ألبست الجنوب حلة وضاءة من الجمال المتفرد ، وقدمت لنا رائعة تسمو إلى السماء شموخا وتميزا ، ونحن نقاسمك أفراحك بها ، وننتظر على عجل ما ستقدمه لنا أناملك التي تزدان بحب الأرض وحب الموروث والأصالة .

- كتبت رائعة "الحزام" كنص عائلي لكل أبناء الجزيرة العربية ، كتبتها بعد قراءة وتدقيق  في تاريخ هذه البلاد المتنوعة ثقافيا واجتماعيا وفكريا ، ما زلت أكبر فيك إحترامك لهذا التنوع ودفاعك عنه ، الجزيرة العربية مليئة بالقصص والحكايات التي تخبرها بكل هذا التنوع ، وكانت تلك وصيتك للمثقفين في أنحاء الوطن بأنه "على كل من يدعي الثقافة أن يحترم هذا التنوع والتعدد الثقافي" . 

- في تلك الليلة كنت  ساحرا جنوبيا بنكهة الحرية القادمة من فرنسا ، اخترت الحضور لنا نحن أبناء الجزيرة العربية من وسط أهم دار نشر فرنسية "جاليمار" التي أحتفلت قبل عامين بمرور قرن على إنشائها ، ومن وسط هذه الدار أهديت هذه الرائعة إلى عروبيتك المتفردة التي لم تنسك الغربة عنها ، كنت أتحدث مع هذا الأديب قبل اللقاء والله لم أشعر لوهلة أنه غريب عليّ في شيء ، وكأنني أتحدث مع أحد أجدادي في قريتي .

- تلك ليلة أكاد أجزم بأنها من أجمل ليالي حياتي ، ليلة لا يشبهها ليلة ، بحضور هذا "التحيف" بيننا وبرفقته ثلة من أصحاب الفكر المتميز جدا ، ليلة تزهو فخرا بحضور أبي نبيلة بيننا ، ليلة كانت بدايتها فصول من الشعر والأدب والثقافة والفكر المتميز ، ونهايتها خطوة ألمعية تأسر الألباب . 


عبدالرحمن الجوني
 
Twitter | a_aljouni 







مواقع التواصل الاجتماعي