الجمعة، 31 يناير 2014

الإعلام الجديد وفرس الرهان



لم يعد الإعلام التقليدي هو الوسيلة المناسبة لبث الهم العام الذي يتعب الفكر ويجبر العقل على التوقف عن التفكير في أنسب الطرق لحل هذا الهم ، لأن الإعلام التقليدي ببساطة لا يزال يقبع تحت وطأة الروتين والواسطة و"حب الخشوم" لاسيما وأنه لا يزال يمجد الشخصيات ويغفي النظر أحيانا عن كل ما يمس الهم العام تحت ستار التجاهل والتغافل . 

وهنا يبرز الحل الجذري الذي أوجدته التقنية بتفعيل وسائل الإعلام الجديد عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، تلك الوسائل التي نحن في حاجة إلى تفعيل الاستفادة منها بعيدا عن التحزب والشخصنة المقيتة التي تهدم ولا تبني وتسيء أكثر مما تصلح وتكون حجر عثرة في طريق الإصلاح الذي نطلبه ونتمناه . 

الكثير من المحافظات والمدن والقرى القابعة في ذاكرة النسيان والكثير من المواضيع التي تهم الشأن العام ليس لها من طرح في إعلامنا التقليدي إلا من باب يلتحف بالخجل ويتغطى بالملل ويستأثر بالنوم ويهنى بالسبات ، بينما في مواقع التواصل الإجتماعي هناك جميع أوجه الرأي بقوة وحيادية وتجرد ومسؤولية - أتحدث عن العقلاء هنا - وهذه هي ميزة هذه المواقع أنها وسلية للطرح المتعقل للكثير من المغردين والناشرين .

أولئك المغردون وكذلك الناشرون لا يطالبون بالمستحيل في ظل صعوبة تغيير الواقع تحت وطأة البيروقراطية المقيتة وفي  ظل تجاهل بعض المواضيع من البعض بحجج واهية ، في النهاية نحن لا نحلم بأن نرى شارع الشانزلزية في وسط مدينة جازن ، ولا نحلم كذلك بأن نرى طرق أوربا في ثنايا حارات جدة ، نحن نحلم بالكفاف من أحلامنا ، أحلام بسيطة لا تتعدى بذل الجهد البسيط والتخطيط السليم والتنفيذ المميز ، وفي حال تحقيق أحلامنا البسيطة قد نطالب بتحقيق ما يوازي مكانة المواطن ويليق بعيشته الكريمة . 

على النقيض من ذلك ما تزال بعض الجهات الحكومية تقفل أذانها بصمت أقرب لصمت المقابر ، تلوك الألسن حكايات جرت في مقراتها أو في مبانيها ويكتب الكثير من المغردين والناشرين عن سلسلة طويلة من الأخطاء التي تحدث فيها ، ولا نسمع من هذه الجهات الحكومية أي تعليق سوى الصمت ، وكلما كان الصمت حاضرا كلما كبر في قلوبنا الشق والوجع وكلما كبر في قلوبنا ألم التجاهل وقسوته ، بعض التعليق والتفاعل مع ما ينشر في مواقع التواصل الإجتماعي من هموم الرأي العام كفيل بإلجام كل ما من شأنه إفساد اللحمة الوطنية ، وكفيل كذلك بوضع النقاط على حروف المشكلة وإقفال سيل التأويلات التي تخالف النسق العام وتضرب في معاقل تلك الجهات بالتشكيك والتخوين والرمي بالفساد والإفساد . 

بين الإعلام التقليدي بشتى وسائله من صحافة وتلفاز وإذاعة وبين مواقع التواصل الإجتماعي بشتى مواقعه من منتديات ومواقع ووسائل أخرى فرق كبير جدا ، الاعلام التقليدي زمنه يمضي إلى أفول والإعلام الجديد زمنه يمضي إلى توهج وبروز وبين هذا وذاك فرس الرهان يخسر جولة أحيانا ويكسب جولة ايضا أحيانا ، فرس الرهان هنا هو التفاعل مع ما يهم الرأي العام ، نعم فرس الرهان محدود بعدد معين من الحروف لكنه أيضا سيف مسلط على كل من يغرد خارج سرب الواقعية ، وبين هذا وذاك نحن منتظرون لمن تكون الغلبة ولمن يكون التمكين . 

---------------------
كلمة أخيرة 
----------------------
ياغايبٍ عَن مَـدى شُوفـي
ومِتمكِنٍ في وسط جُوفـي
 
لاموني النَّاس فـي حُبَّـك
وقلبي عَنِ العَذل مَصـروفِ

----------------------
---------------------
عبدالرحمن الجوني 

مواقع التواصل الاجتماعي