السبت، 26 يناير 2013

التعليم .. الضرب في الميت حرام !

انقضت اختبارات منتصف العام قبل أيام وبقي آثارها ، نرى الآثار التي ما زال التعليم يتجرحها بسكات ، ويرمي بتهمة نشأتها وتكوينها ذات اليمين وذات الشمال ، فتارة ينعت المعلم بأنه هو السبب ، وتارة ينعت المناهج ، وغض الطرف عن السبب الحقيقي لتدهور التعليم وما زال مسيروا التعليم يكابرون عن كشفه للعيان .

يخبرني أحدهم أن نسبة الرسوب في مادة التوحيد في مدرستة يتجاوز الثلاثين بالمئة ، ويخبرني أخر بأن نسبة الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية يتجاوز الستين في المئة في صف الأول الثانوي ، مع العلم بأن هذان المعلمان ممن يشهد لهم بالخبرة والكفاءة وحسن الاداء .

تنقضي السنون تتبعها السنون ، وما زلنا نعود إلى المربع الأول في سلسلة فشل التعليم الحكومي ، وها هي الأعوام تتابع الإنقضاء ، وترمي بهموم الواقع التعليمي بعيدا هناك في جوف النسيان ، عن تجاهل ربما ولا يزال الشق أكبر من الرقعة فلم تعد الوزارة تستطيع دمدمة جروحها ، والتربيت على أكتاف مسؤوليها ، واللعب على عواطف منسوبيها ، وهاهي الأيام تبدي لنا ما كان خافيا .

أكثر فشل تحقق في وزارة التعليم هو ذاك القرار المشين الذي يمنع المعلم من الدفاع عن نفسه في المدرسة حتى يتم طرحه أرضا ، ولا أعلم هل من أصدر هذا القرار يعيش معنا على الأرض ، أم هو قادم من كوكب زحل ، أم من مدينة أفلاطون الفاضلة ، وتناسى بأن في بعض المدارس يحضر بعض الطلاب بعض الأسلحة البيضاء ، وفي هذه الحالة لا يحق للمعلم المغلوب على أمره أن يدافع عن نفسه ، وليكن في حالة مثلى لتلقي الطعنات يمينا وشمالا بقلب رحب وبابتسامة ساحرة ، ناهيك عن العقوبة المنتظرة إن كنت مدافعا عن نفسك !

في المجتمعات المتحضرة يعامل المعلم معاملة خاصة ، وله تقدير وحضوة عند الناس والمجتمع ، لأنه حامل لمشعل العلم والتعليم ومؤكل بنشر رسالة المعرفة ، إلا في مجتمعنا السعودي ، فهو كالمغلوب على أمره ، وهو الحلقة الأضعف لدينا ، فهم يلمزونه ويتهمونه بالقصور والإهمال ، وهو يتجرع طعنات الجفا والسخرية من هذا وذاك ، مع وجود كل هذا الإسفاف في حقه الآن أصبح بعضهم يتمنى بأن يغادر هذا المكان سليما في جسده ، أما عن نفسيته فلا تسأل ، فهي المغلوبة على أمرها ، فتراها تجيد اصطناع البسمة حينما يتوجه الحديث بعيدا عن التعليم ، أما حينما يتجه الحديث عن التعليم ترى وجوه يكسوها الهم ويضنيها التعب ويقطع نياط قلوبها التفكير والحسرة .

في بداية المقال استشهدت بمثالين لحالات الرسوب في مادتين فقط ، وهذا دليل شؤم ونذير بؤس وشقاء ، والآن فهمت لماذا يتسرب بعض الطلاب ميسوري الحال للمدارس الخاصة والأهلية بحثا عن مجتمع تعليمي مميز ، لا مجتمع يكسو وجوه أصحابه البؤس والحرمان والخوف على النفس والجسد .

وهنا لفتة لوزارة التربية والتعليم ، لا تستعدي المعلم وتحط من قدره وحضوته عند الناس ، فهم حاملي لمشاعل تنشر العلم والمعرفة ، استمع لنصحهم واتق الله فيهم ولا تكن ساعيا لتدمير التعليم بكثرة القرارات والتعامبم التي تهدف للنيل من المعلم والحط من قدره فهم حملة رسالة الأنبياء والعلماء - إن لم تكن تعلمون - وهم السراج الذي ينير لنا الطريق المعتم لنشر العلم والمعرفة .

مع أن سياسة وطننا - بفضل الله - هي سياسة الباب المفتوح ولكني لا أعلم لماذا وزارة التربية والتعليم تخالف المبدأ فسياستهم الباب المغلق ، فهي تغلق كل أبواب التواصل مع المجتمع ضاربة عرض الحائط بكل مشاكلهم واهتماماتهم ، وملوحة بالضرب بيد النظام على كل مخالف لارائهم واطروحاتهم العجيبة ، وأعتقد بأن سياستهم تعتمد في أساسها أنه لا رأي لهم ولا فائدة ترجى منهم ، وأن الوزارة لا تريكم إلا ما ترى ، ولتذهب همومهم ومشاكلكم إلى الجحيم .

ولكم التحية

عبدالرحمن الجوني .....،

الخميس، 10 يناير 2013

قاضيان .. في النار

حادثة جديدة تطرق أبواب مجتمعي البسيط ، وتستعد للوثوب على كل ما تبقى من لحمته الوطنية التي يسعى الحساد والواشون لتمزيقها بسهامهم الممتلئة بإفتعال البهرجة الإعلامية والتزليف وطمس الحقائق ، واللعب على عقول البسطاء في وطننا باختلاق الوشايات وتنميتها

خطاب أرسله قاضي سابق في محكمة رجال ألمع يستجدي فيه وزير الشؤون الإسلامية بتعيننه خطيبا إحتياطيا للجمعة لأن تلك المحافظة تعج ( في نظره ) بالبدع والمحدثات التي نشأت بسبب الفقر والجهل وأن المحافظة لابد لها من خطيب إحتياطي يبين للناس بدعهم ويصحح لهم جهلهم ويعلم الناس أصول دينهم وحقيقته .

كتب فضيلة القاضي هذا الخطاب في عام ١٤٢٤ هـ ولا أعلم بالضبط هل انقضت سنون البدع التي رآها فضيلته ، أم أن الاستجداء كان من أجل غرض مادي ساق في حيثيات طلبه من مزاج فضيلته ما يناسب مطلبه ومراده فكال التهم جزافا واتبعها بما يحقق طلبه دون أن يتيقن من حقيقة ما كتب .

أنا من تلك الأرض التي وسمنا فيها فضيلة القاضي بأننا فقراء وجهله ، وبسبب فقرنا وجهلنا أصبحنا نعتاد وجود البدع والمحدثات ، ولا أعلم ما هو مصدر فضيلته ، أم هي رمي بالتهم في سبيل تحقيق أهداف خاصة ، هل تناسى فضيلته وهو يسوق بخطابه مصاب الفقر والجهل بأن الحرة لا تأكل بثدييها وأن الحر لا يسعى للوهم في سبيل تحقيق الوجود .

عاشرت في تلك البلاد من تجاوزت أعمارهم المئة عام ، لم أرى في حياتهم أثرا لبدعة أو جنوحا إلى محدثات العصر ، بل هم يعبدون الله ولا يشركون به ، ويحافظون على صلواتهم ويتسابقون لها ولو كان الوجع وصروف الدهر عملت فيهم عجائبها، لم أراهم يبخسون أحدهم حقا بينا له ، لم أراهم يسعون للوشاية بين أفراد مجتمعهم ، وإن استعصى عليهم أمر اتجهوا لمن يجدون الحل عنده ، حتى ولو كان قاضي المحكمة ، ولكن القاضي يتهمهم بأنهم أصحاب فكر محدث ويحبون البدع ، ويذكر بأن الله ابتلاه في تلك الأرض .

الابتلاء الحقيقي حينما يكون في القضاء شخص يحمل فكرا سقيما ، شخص يضرب عرض الحائط بكل أبجديات القضاء ، يا فضيلة القاضي لك كل الحق فيما تحكم به بين الناس فيما يتوافق مع شرع الله المنزل وسنة نبيه الطاهرة البينة ، ولكن لا ترمي الناس جزافا بتهمك ، كن حريصا على إيصال صوت الحق مجردا من الضجر والملامة التي ملئت بها خطابك استجدائك المشؤوم ، ولا تكن ساعيا للفرقة بين مجتمع أنت بإصلاح عيوبه أولى .

الابتلاء الحقيقي حينما تكون على عرش القضاء ساعيا لتشوية سمعة القضاء ، ومسرجا في سبيل ذلك بخيلك ورجلك ، وتعمل على تحقيق مآربك بنشر التهم الجزاف ، وما أعلمه أن القضاء هي مؤسسة تستدعي الستر عن كل عيب أو خلل ومحاولة إصلاحه بصمت ، ولا تستدعي وسم الناس بما ليس فيهم .

لن أنقم عليك ما كتبت يدك فكل بما كتبت يداه محاسب ومجازى ، ولكن غضبي وغضبتي وتوجسي وخوفي أن يستشري هذا التفكير فيمن خلفك في منصبك ، فيطالبون بمثل ما طالبت به ويسوقون في حيثيات طلبهم أن تلك المحافظة المشؤومة تعيش في عصور الظلام الغابرة وتشرك بالله وتعبد كهنوت الأهواء وتتطرف أفكارها وتحارب كل مفيد للبشرية .

ختاما أقول .. ( حدث العاقل بما لا يعقل ، فإن صدقك فلا عقل له ! ) وتذكر ( قاضيان في النار ... وقاض في الجنة )

عبدالرحمن الجوني .....

مواقع التواصل الاجتماعي